
مقدمة
هل تعلم أن قيمة الأصول الاستثمارية المستدامة على مستوى العالم تجاوزت 35 تريليون دولار في عام 2020؟ هذا يعكس تحولاً كبيرًا عالميًا. وفي السعودية، تتسارع هذه الحركة بدفع من رؤية السعودية 2030. بالنسبة للشركات في المملكة، لم تعد مبادئ ESG (البيئية والاجتماعية والحوكمة) خيارًا إضافيًا، بل أصبحت أمرًا استراتيجيًا أساسيًا.
رؤية 2030 هي خارطة طريق شاملة لمستقبل المملكة، وتضع الاستدامة والتنمية المسؤولة في صميمها. وتدعم ذلك التحديثات التنظيمية الحديثة، مثل تركيز هيئة السوق المالية (CMA) على الإفصاح عن بيانات ESG، والتزام المملكة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060.
ما هو ESG ولماذا هو مهم في المملكة؟
تشير ESG إلى ثلاثة عناصر رئيسية لتقييم مدى استدامة وتأثير الشركات:
- البيئة (E): تتعلق بتأثير الشركة على البيئة مثل الانبعاثات، كفاءة الطاقة، إدارة النفايات، استخدام المياه، الحفاظ على التنوع الحيوي، وإدارة الموارد. وهذا مهم جداً مع التوجه السعودي للطاقة المتجددة ومواجهة تغير المناخ.
- الاجتماع (S): يشمل تعامل الشركة مع موظفيها، الموردين، العملاء، والمجتمع، من خلال سياسات العمل، حقوق الإنسان، الخصوصية، والصحة والسلامة. وهو يتماشى مع رؤية 2030 التي تركز على تنمية الإنسان والمجتمع.
- الحوكمة (G): تتعلق بإدارة الشركة وقراراتها الداخلية مثل الرواتب، الرقابة، الشفافية، وحقوق المساهمين. الحوكمة الجيدة تعزز الثقة وتجذب المستثمرين.
في السعودية، ESG ليس مجرد إجراء تنظيمي بل جزء رئيسي من خطة التحول الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
لماذا ESG مهم الآن للشركات السعودية؟
- توافق مع رؤية 2030: الشركات التي تلتزم بمبادئ ESG تساهم مباشرة في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية وتحصل على دعم الجهات الحكومية والمجتمع.
- الوصول إلى الاستثمارات: المستثمرون العالميون والمحليون يفضلون الشركات التي تلتزم بمعايير الاستدامة، مما يفتح أبواب التمويل.
- تحسين السمعة: الالتزام بـ ESG يعزز سمعة الشركة ويجذب العملاء والشركاء.
- إدارة المخاطر: التعامل مع المخاطر البيئية والاجتماعية والحوكمة بشكل استباقي يجعل الشركة أكثر قدرة على الاستمرار.
- جذب الكفاءات: الجيل الجديد يبحث عن شركات تحمل نفس القيم، مما يساعد على جذب وتثبيت أفضل الموظفين.
- خفض التكاليف: تقليل استهلاك الموارد وتحسين الكفاءة يؤدي إلى توفير كبير على المدى الطويل.
تحديات تواجه الشركات السعودية في تنفيذ ESG
- عدم وجود إطار تنظيمي موحد للإبلاغ عن ESG.
- صعوبة جمع وتحليل بيانات دقيقة وشاملة.
- قلة الخبرة والوعي في تطبيق مفاهيم ESG.
- التركيز على الأرباح الفورية على حساب الأهداف طويلة المدى.
- الخوف من ظاهرة “الغسل الأخضر” (ادعاء زائف بالاستدامة).
- تغير الأنظمة باستمرار وصعوبة مواكبتها.
أفضل الممارسات لتطبيق ESG بفعالية
- تحديد أولويات التأثير: تقييم أهم قضايا ESG التي تؤثر على نشاطك.
- دمج ESG في استراتيجية الشركة: اجعلها جزءًا من الخطة العامة، وليس مجرد ملحق.
- إنشاء هياكل حوكمة قوية: مثل تشكيل لجنة ESG أو مسؤول متخصص.
- إدارة بيانات ESG: استخدام أنظمة رقمية لتجميع وتحليل البيانات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
- التدريب وبناء القدرات: تثقيف الموظفين على جميع المستويات حول أهمية ESG.
- اعتماد أطر تقرير دولية: مثل GRI أو SASB أو TCFD، وتكييفها حسب متطلبات المملكة.
- إشراك أصحاب المصلحة: التواصل الدائم مع الموظفين والعملاء والمستثمرين والمجتمع.
- استخدام التقنية لإدارة الحوكمة والمخاطر: أنظمة GRC تساعد في تتبع الأداء والامتثال.
- تحديد أهداف طموحة وقابلة للقياس: مثل تقليل الانبعاثات أو زيادة نسبة النساء في المناصب القيادية.
- تعزيز ثقافة الاستدامة: تشجيع الابتكار والمكافأة على الممارسات المستدامة داخل بيئة العمل.
أمثلة ناجحة من السعودية
- نيوم (NEOM): نموذج عالمي للحياة المستدامة، يستخدم الطاقة المتجددة بنسبة 100%.
- أرامكو: التزمت بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050، واستثمرت في تقنيات التقاط الكربون.
- سابك: تطبق الاقتصاد الدائري وتطور منتجات صديقة للبيئة.
- صندوق الاستثمارات العامة (PIF): يُقيم الاستثمارات بناءً على أداء ESG، مما يشجع بقية الشركات على الالتزام.
الخاتمة
مواءمة أهداف ESG مع رؤية السعودية 2030 لم تعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية. على قادة الأعمال والمسؤولين والمهنيين في مجال الحوكمة أن يروا في ESG فرصة تنافسية حقيقية، وطريقًا نحو النمو المستدام والمساهمة في بناء مستقبل المملكة.